المتشابهات:قوله: {وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا} وبعده {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} لأَنَّ الأَوّل في حقِّ يحيى.وجاءَ في الحديث: «ما من أَحد من بنى آدم إِلاَّ أّذنب أَوهَمّ بذنْب إِلا يحيى بن زكريَّا عليهما السّلام» فنفى عنه العصيان؛ والثَّانى في حقِّ عيسى عليه السلام فنفى عنه الشقاوة، وأَثبت له السّعادة، والأَنبياءُ عندنا معصومون عن الكبائر دون الصَّغائر.قوله: {وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ} في قصّة يحيى {والسلام عَلَيَّ} في قصة عيسى، فنكَّر في الأَول، وعَرَّفَ في الثانى؛ لأَنَّ الأَوّل من الله تعالى، والقليل منه كثير كقول القائل:
قليل منك يكفينى ولكنْ ** قليلك لا يقال له قليل
ولهذا قرأَ الحسن: {اهدنا صراطًا مستقيمًا} أَى نحن راضون منك بالقليل، ومثل هذا في الشعر كثير، قال:
وانِّى لأَرضى منك يا هند بالذى ** لو أبصره الواشى لقرَّت بلابلُه
بلا وبأَن لا أَستطيع وبالمنى ** وبالوعد حتى يسأَم الوعدَ آمِلُه
والثانى من عيسى، والأَلف واللام لاستغراق الجنس، ولو أَدخل عليه السّبعة والعشرين والفروع المستحسنة والمستقبحة، لم يبلغ عُشر معشار سلام الله.ويجوز أَن يكون ذلك بوحى من الله عزَّ وجلّ، فيقرُبَ من سلام يحيى.وقيل: إِنما أَدخل الأَلِف واللام لأَنَّ النكرة إِذا تكرّرت تعرّفت.وقيل: نكرة الجنس ومعرفته سواء: تقول: لا أشرب ماءً، ولا أَشرب الماءَ، فهما سواء.قوله: {فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوْيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ} وفي حم: {لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ}؛ لأَنَّ الكفر أَبلغ من الظُّلم، وقصّة عيسى في هذه السّورة مشروحة، وفيها ذكر نسبتهم إِيّاه إِلى الله تعالى، حين قال: {مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ}، فذكر بلفظ الكفر، وقصّة في الزّخرف مجمّلة، فوصفهم بلفظ دونه وهو الظُّلم.قوله: {وَعَمِلَ صَالِحًا} وفي الفرقان: {وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} لأَنَّ ما في هذه السّورة أَوجز في ذكر المعاصى، فأَوجز في التَّوبة، وأَطال هناك فأَطال والله أَعلم. اهـ.